كلمات قيلولية – قصة قصيرة

مزيد من المقالات

أستيقظ ظهرًا أو عصرًا، لا صباحًا، فأجد الشمس قد زاد لهيبها، ولجأت الحيوانات والبشر -من استطاع منها- إلى الاحتماء من القيظ و”الصهد”، فأشعر ببعض الضيق، وكثير من الحرارة غير المبررة.

أبدأ يومي عادة بتصفح الجديد من الأخبار، ولا جديد تحت الشمس -أو خلفها- يُذْكر: العالم يتهاوى، والإنسانية تكاد تعلن انتحارها، وبعض الناس يندد، بينما بضعهم الآخر يشجب، ومباراة كرة قدم قد انتهت، وقرار سياسي قد اتخذه شخص ما بلا هدف، وأزمات اقتصادية تلوح في الأفق، وحملات ممنهجة من التخويف ونشر الرعب عبر التحدث عن مجموعة من الظواهر الجوية والأرضية والفضائية التي تعني قُرْب انتهاء العالم، والتي يؤكد مروجوها أنهم متأكدون تمامًا من حتمية حدوثها، بل قد يُرفقون بهذه النبوءات المصادر الموثوقة تمامًا بنسبة 100%، مثل شاب “مُفَلْتَر” يظهر بجانب بعض الأجهزة!

تناولت القهوة التي يفقد اليوم “عقله” دونها، وشعرت حقًا بالاطمئنان بعد أن عثرت على كل شيء في العالم كما هو، لم يزد شيئًا ولم ينقص: نفس الأحداث والمهاترات والجرائم والتعليقات.

الخطوة التالية إذًا الشروع في العمل وتنفيذ ما تأخرت عن تنفيذه، لكنني أجد الكلمات “واقفة في زوري” وعلى “طرف لساني” راغبة في الخروج، وكي لا أُصاب بإمساك الكلمات أخرجتها، فخرجت مسرعة ككلب يسعى خلف قط، لا تعرف إلى أين تذهب، ولا أعرف ماذا تريد!

هل انتهى الأمر الآن؟ ربما! بعد أن خرجت الكلمات من الفم إلى الكيبورد مباشرة أطمح في أن أعود إلى ما علي من أعمال، دون النظر إلى هذا العالم المتساقط، فلا طائل من فرط متابعة أحداثه، ولن يصيبنا بهذه المتابعة إلا خسارا.

لم أقتنع حقًا بكلماتي الأخيرة! ولن أقتنع، لكنني سأحاول ترتيب كلماتي من جديد، فربما تخرج المرة القادمة منمقة مرتبة كسائر الكلمات المنمقة المرتبة التي تتناقلها ألسنة أولئك الذين يعيشون في كوكبنا من بشر، فيتطلع عليها البشر الباقون ويؤكدون أنهم عرفوا الأسرار من مصادرها الوحيدة.

وأعود فأقول: لمَ نستيقظ مبكرًا، والحال هو الحال بلا جدال؟